الخميس، 28 أغسطس 2014

تطور معرفتنا بالمخ البشري


"إن معرفتنا بطريقة عمل المخ تنمو نمواً أُسّيّاً. تركيب المخ ليس بالتركيب اللانهائي. إنه كيان مركب جداً، لن نتوصل إلي فهم كلي له خلال عملية اختراق واحدة بسيطة، ولكننا نتقدم في فهمنا لمبادئ تشغيل المخ بأكثر مما يدركه معظم الناس. تتنامي أُسّيّاً تكنولوجيا مسح المخ البشري؛ كما تتنامي قدرتنا علي أن نري بالفعل أنماط التوصيلات الداخلية، ونحن ننشئ المزيد والمزيد من النماذج الرياضية التفصيلية للعصبونات البيولوجية. لدينا بالفعل نماذج رياضية تفصيلية جداً لعشرات عديدة من مناطق المخ البشري، وطريقة عملها، وقد أعدنا تخليق مناهجها باستخدام الحوسبة التقليدية. وخرجت لنا نتائج من هذه النماذج التخليقية لمناطق المخ التي اُعيدت هندستها أو اُعيد تجهيزها تضاهي المخ البشري مضاهاة دقيقة جداً.
نحن أيضاً نصنع إحلالاً لأجزاء المخ التي تتحلل أو تتوقف عن العمل بسبب أوجه عجز أو مرض. هناك عمليات زراعة أعصاب لمرض "باركنسون" وعمليات زرع لقوقعة الأذن في حالة الصمم. ثمة جيل جديد بازغ من هذه القواقع للزرع يوفر ألف درجة من الوضوح في الترددات، سوف تتيح للأفراد الصم أن يسمعوا الموسيقي لأول مرة. تحل العصبونات المزروعة في مرض باركنسون محل عصبونات قشرة المخ التي دمرها المرض. وبالتالي فقد أوضحنا أن من الممكن فهم مناطق للمخ البشري والجهاز العصبي وأن نعيد تجهيز هذه المناطق بواسطة حوسبة تقليدية إلكترونية تتفاعل مع المخ وتؤدي تلك الوظائف.
إذا تابعنا هذه التطورات واستنبطنا ما فيها من رياضيات، سيكون السيناريو الذي نتحدث به محتفظاً إذا قلنا إننا خلال ثلاثين سنة -أو ربما خلال زمن أسرع كثيراً- سيكون لدينا خريطة كاملة للمخ البشري، وستكون لدينا نماذج رياضية كاملة عن طريقة عمل كل منطقة، وسوف نتمكن من إعادة تنفيذ طرائق المخ البشري، التي تختلف تماماً عن طرائق كثيرة مما يُستخدم في الذكاء الإصطناعي المعاصر. ولكنها تماثل الطرائق المستخدمة في المجال الخاص بي، مجال إدراك النمط، وهو أحد القدرات الأساسية للمخ البشري. مازلنا لا نستطيع التفكير بالسرعة الكافية لأن نحلل المواقف المنطقية تحليلاً سريعاً، وبالتالي فإننا نعتمد علي قدرتنا علي التعرف علي النمط. سوف نتمكن خلال ثلاثين عاماً من تخليق ذكاء غير بيولوجي يقبل المقارنة بالذكاء البشري.
سيكون عملنا أن نوفر له طريقة للتعليم، بما يماثل تماماً ما يجري في النظام البيولوجي، ولكننا هنا نستطيع أن نحشد بعض مزايا ذكاء الماكينة بمجرد أن تتقن إحدي الماكينات مهارات معينة، فإنها تستطيع عندها تطبيق هذه المهارات بسرعة ودقة أكبر كثيراً مما عند البشري غير المدعومين بها. يستطيع كمبيوتر ثمنه 1000 دولار أن يتذكر بليون من الأشياء بدقة، بينما يعاني أغلبنا من صعوبة في تذكر حفنة من أرقام التليفونات. الماكينات بمجرد أن تتعلم شيئاً، فإنها تستطيع أيضاً أن تشرك الماكينات الأخري في معرفتها هذه ليس لدينا منافذ سريعة للنقل والتحميل علي مستوي أنماط التوصيل ما بين العصبونات ومستوي ما لدينا من تركيزات للمواد الناقلة العصبية، وبالتالي فنحن وحسب لا نستطيع نقل المعرفة تحميلياً. فأنا لا أستطيع أن آخذ معرفتي بالفرنسية وأنقلها بالتحميل إليك، أما الماكينات فتستطيع أن تتشارك إحداها مع الأخري في أنماط معرفتها. نستطيع أن نُعلم الماكينات بعملية تكون أسرع مئات أو آلاف المرات من العمليات المماثلة في البشر. تستطيع عملية كهذه أن توفر لإحدي الماكينات تعليم عشرين سنة بالمستوي البشري وذلك في فترة ربما تكون من أسابيع أو أيام معدودة، ثم تستطيع تلك الماكينات التشارك فيما تعرفه.

ونجد في النهاية أن الدلالة الأساسية لكل هذا هو دعم ذكائنا البشري. سوف نصل إلي أن نضع هذه الماكينات داخل أمخاخنا. بدأنا الآن نفعل ذلك، في أفراد لديهم مشاكل طبيه و أوجه عجز شديدة، ولكن هذا سيحدث في النهاية لنا كلنا؛ سنتمكن بغير جراحة من أن ندخل ماكينات مهندسة نانوية داخل تيار الدم وتستطيع هذه الماكينات أن تمر من خلال الشعيرات الدموية للمخ. هذه الروبوتات الذكية الدقيقة الحجم أو "النانوبوتات" التي في حجم خلية الدم، سوف تكون قادرة بالفعل علي الذهاب إلي المخ وعلي التفاعل مع العصبونات البيولوجية. ونجد أنه تم بالفعل البرهنة علمياً علي أن من الممكن أساساً أن يحدث التواصل في كلا الإتجاهين بين الأجهزة والعصبونات البيولوجية.
ومن هذا نجد أن معرفتنا بالمخ تسير إتجاهاً سريعاً سوف تجعلنا نصل إلي العديد من الإكتشافات المستقبلية تجاه الذكاء الإصطناعي و فلسفة العقل"..

0 التعليقات:

إرسال تعليق