الخميس، 28 أغسطس 2014

خصائص الفلسفة الصوفية.


الفلسفة الصوفية، في كل العهود وفي كل أنحاء العالم، تتميز بمعتقدات، نستعرضها في ما يلي:

1- الإعتقاد في الإدراك مقابل المعرفة التحليلية، والإعتقاد في الحكمة، في الفجائية، في الاختراق، والتي تتعارض مع الدراسة البطيئة المتأنية للمظهر الخارجي بواسطة علم يعتمد كُليَّةً علي الحواس. كل من بمقدورهم استقبال الإدراك بعاطفة داخلية لابد وأنهم قد خبروا في أوقات معينة الإحساس الغريب بعدم حقيقة الأشياء المعتادة، فقدان الإتصال بالحياة اليومية، حيث يضيع فيها تماسك العالم الخارجي وتبدو معه الروح في وحدة مطلقة، وتُخرج للوجود من أعماقها الخاصة تلك الخيالات المجنونة الرائعة التي تظهر حقيقة ومشتعلة و حيّة.

2- الإدراك الصوفي العميق يبدأ بإحساس انكشاف الغموض، بالحكمة المتوارثة التي تصبح الآن وبصورة فجائية أقرب للتأكيد دون احتمال للشكِّ. الإحساس باليقين والإلهام يبدآن مبكراً عن أي اعتقاد مؤكد. المعتقدات المؤكدة التي يصل إليها الصوفي هي نتيجة التأمل في الخبرة الفكرية التي يكتسبها في لحظة الإشراق.
وتكون النتيجة الأولي والمباشرة للحظة الإشراق هي الإعتقاد في إمكانية وجود طريقة أُخري للمعرفة يمكن أن تسمي بالحوي، اليقين أو الحدس (والحدس هو شعور وجداني أو باطني بالمعرفة)، في مقابل الحاسة والعقل والتحليل، والتي ينظر إليها علي أنها الدليل الأعمي الذي يقود إلي الوهم. يرتبط بهذا الإعتقاد بشدة تصور وجود حقيقة وراء عالم الظاهر تختلف تماماً عنه. هذه الحقيقة ينظر إليها بإعجاب عادةً ما يقترب إلي حد العبادة، إذ عادةً ما يوجد إحساس دائم وفي كل مكان أنها في متناول قبضة اليد، رغم أنها محتجبة وراء الظلال الرقيقة للحواس لكنها متاحة للعقل القابل لإستقبالها فتشرق بكل عظمتها علي الرغم من محدودية الإنسان؛ فالشاعر والفنان والعاشق، كلهم يسعون وراء هذه الروعة، إنه الجمال الآسر الذي يلهثون خلفه في الضوء الخافت لنوره، ولكن الصوفي يعيش في النور الساطع للرؤية، فما يسعي الآخرون في طلبه، يعرفه هو معرفة يُعد كُلَّ ما عداها جهلاً.

3- الخاصية الثالثة للصوفية: هو إعتقادها في التوحّد و رفضها القبول بالإنقسام أو التجزء والتعارض في أي شئ.

4- الخاصية الرابعة: هي إنكار حقيقة الزمن. ويُعَدُّ ذلك نتاج لإنكار الإنقسام، فإذا كان الكل واحداً، فالتفرقة بين الماضي والمستقبل لابُدَّ وأنها وهمية.
5- آخر عقائد الصوفية التي يجب النظر إليها بعين الإعتبار: هي الإعتقاد في أن كل الشر ما هو إلا مجرد مظهر، مجرد وهم نتج عن الإنقسامات والتعارضات للعقل التحليلي. الصوفية لا تؤمن بأن القسوة علي سبيل المثال خير، ولكنها تنكر أنها حقيقية، فهي تنتمي لذلك العالم الأدني من الأشباح الذي يجب أن نتحرر منه بالإدراك العميق.

وفي النهاية نجد أن ما يعد مميزاً لأخلاق الصوفيين هو غياب القنوط أو الاعتراض عندهم، فهم يقبلون بغبطة عدم الإعتقاد في الحقيقة النهائية بالإنقسام إلي معسكرين متضادين، هما الطيب و الخبيث. هذا السلوك هو النتاج المباشر لطبيعة الخبرة الصوفية؛ فإحساسها بالوحدة يرتبط به إحساس بالسلام يُنتج، كما تؤدي الأحاسيس في الأحلام، النظام الكامل للعقائد المتصلة التي تُشكل جوهر العقيدة الصوفية. ولكن هذا الإفتراض صعب، ولا يمكن أن نأمل في موافقة البشر عليه.

هناك تعليق واحد:

  1. ماهو مصدر هذه العبارة من فضلك؟
    " كل من بمقدورهم استقبال الإدراك بعاطفة داخلية لابد وأنهم قد خبروا في أوقات معينة الإحساس الغريب بعدم حقيقة الأشياء المعتادة، فقدان الإتصال بالحياة اليومية، حيث يضيع فيها تماسك العالم الخارجي وتبدو معه الروح في وحدة مطلقة، وتُخرج للوجود من أعماقها الخاصة تلك الخيالات المجنونة الرائعة التي تظهر حقيقة ومشتعلة و حيّة." عنوان الكتاب او اسم كاتبها لو سمحت

    ردحذف