الخميس، 28 أغسطس 2014

نبذة عن نشوء الفلسفة الماركسية.



"إن الأهمية التاريخية العالمية لنشوء الفلسفة الماركسية هي، بالتالي، في كونها حملت النصر النهائي للإتجاه المادي العلمي الوحيد في الفلسفة وخلقت شكلاً أرقي من المادية هو المادية الديالكتيكية.
إن مادية ما قبل عصر ماركس لعبت دوراً عظيماً في النضال ضد المثالية الفلسفية -التي تقول بأسبقية الفكر علي المادة- واللاهوت وفي الدفاع عن مواقع العلم. ولكن ضيق أفقها التاريخي اعاقها عن ربح المعركة الحاسمة ضد المثالية وعن تأكيد مبادئ المادية تأكيداً نهائياً.
وثمة أهمية خاصة في إنتصار أفكار التطور في علم الطبيعة ساعدت علي إنتصار الفلسفة المادية، تعود لإكتشافات ثلاثة عظيمة في علم الطبيعة: اكتشاف الخلية النباتية والحيوانية وقانون حفظ وتحول الطاقة ونظرية داروين عن منشأ وتطور أجناس النبات والحيوان. فلقد أظهرت هذه الإكتشافات الطابع الديالكتيكي لتطور الطبيعة. وبالإستناد إلي تطور علم الطبيعة تغلَّب ماركس وإنجلز علي ضيق الأفق الميتافيزيقي الذي عانت منه المادية القديمة، وأعطيا المادية طابعاً ديالكتيكياً.
وكان هذا إنتصاراً عظيماً في تاريخ الفكر الإنساني: فقد نشأت نظرية فلسفية تعالج الطبيعة كلها من مظاهرها البسيطة إلي مظاهرها المعقدة ككل موحّد وتفسر علمياً كل العمليات والظواهر بالتطور القانوني للمادة وإنتقالاتها الذاتية من حالة إلي أخري، من أشكال أدني إلي أشكال أرقي. وعني هذا إنهزام المثالية الفلسفية التي كانت تعيش عيشة طفيلية علي حساب بعض مسائل العلم.
ولقد عبَّر ماركس عن الخاصة الحاسمة في المادية الديالكتيكية والتاريخية في احدي المشروعات المبكرة لنظريته الجديدة في "موضوعات عن فيورباخ":
"إن الفلاسفة اكتفوا بتفسير العالم بصور مختلفة، ولكن القضية هي في تبديله".
وظهر في عام 1848 "بيان الحزب الشيوعي"، الذي كتبه ماركس وانجلز بطلب من اتحاد الشيوعيين. ويتضمن هذا المؤلَّف الشهير، ليس فقط أول منهاج علمي للحزب الشيوعي، وإنما يعرض أيضاً النظرة الجديدة إلي العالم التي صاغها ماركس وإنجلز.
وقبل ذلك كانت الفلسفة بعيدة عن الشعب، عن منتجي الخيرات المادية الذين كان عملهم. في جميع العصور أعمق أساس للتقدم الإجتماعي. أضف إلي ذلك أن أغلب نظم الفلسفة، كانت تري في عمل الجماهير الشعبية أقل أشكال النشاط الإنساني خصوبة في مجال تطور المجتمع.
وها قد حلَّت اللحظة التي هبطت فيها الفلسفة من السماء إلي الأرض. لقد أكَّدت الفلسفة الماركسية أن الدور الحاسم في حياة المجتمع هو دور عمل الجماهير الشعبية. وقد أعلنت، علي عكس التقاليد المثالية، أن أناس العمل بالذات "هم ملح الأرض". وبيّن ماركس في مقالته "نحو نقد فلسفة الحق الهيجلية" عدم ثبات المثالية الفلسفية والفهم المثالي للتاريخ. وينادي بالدور التاريخي العالمي للبروليتاريا بإعتبارها القوة الوحيدة القادرة علي منح الحرية للإنسانية الشغيلة كلها".

- المادية الديالكتيكية: تأليف جماعة من الأساتذة السوفييت.

0 التعليقات:

إرسال تعليق